مع تسليمنا وإيماننا التام بأحقية السادة النواب بالمساءلة والاستجواب إلا أنه لابد من التوقف قليلا تبيانا لحقيقة ساطعة، نص عليها الدستور ورسختها أحكام القانون بأن ذلك الحق ليس مطلقا وإنما مرهون بشروط وقواعد دستورية محددة. ومن الاسس والقواعد قديما وحديثا يجب إعمالها والالتزام بها عند تقديم الاستجواب، ويجب التاكد منها حتى نكون امام استجواب دستوري متوافر الاركان يلزم الوزير بالصعود الى منصة الاستجواب. أولا: إن الاستجواب يجب أن يكون موضوعه واضحا محددا بوقائع تحصر اسانيدها، حتى يتخذ المستوجب عدته ويستعد لمناقشته ويتمكن من الإدلاء بحجته ولا يجوز إقحام موضوعات جديدة اخرى على طلب الاستجواب أثناء مناقشته إلا إذا كانت وقائع تفصيلية مرتبطة بحكم اللزوم بموضوع طلب الاستجواب. ثانيا: ان استجواب الوزير يكون عن الأمور الداخلة في اختصاصه، وعن أعمال وزارته والاشراف على شؤونها وقيامه بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها ورسم اتجاهات الوزارة واشرافه على تنفيذها وعما يمارسه من سلطة متاحة له قانونا في مجال التوجيه والاشراف والرقابة على المؤسسات العامة والهيئات العامة والادرات المستقلة التابعة له أو الملحقة به أو بوازرته لتنفيذ السياسة العامة للحكومة وبمراعاة القدر الذي منح قانونا للوزير من السلطة والاختصاص بالاعمال المراد استجوابه عنها بما يمكنه من القدرة على الاتيان بها ولا يجوز استجواب الوزير عن الاعمال السابقة التي صدرت منه قبل توليه الوزارة التي يحمل حقيبتها ايا كانت صفته وقت صدورها كما لا يجوز استجواب الوزير عن الاعمال السابقة التي صدرت من وزير اخرى او من الوزراء السابقين الذين تولوا الوزارة قبل تغيير الوزير المراد استجوابه وزيرا لها متى كانت هذه الاعمال السابقة قد تمت ولم تستمر في عهده. أما بالنسبة للاستجواب الموجه لرئيس مجلس الوزراء على ضوء الأحكام المواد 102 و123 و127 والمواد المرتبطة به ووفقا لما قررته المحكمة الدستورية فهي الآتي: أولا: ان كل استجواب يراد توجيهه الى رئيس مجلس الوزراء ينحصر نطاقه في حدود اختصاصه وفي السياسة العامة للحكومة دون أن يتعدى ذلك الى استجوابه عن أي أعمال تنفيذية تختص بها وزارات بعينها أو اي عمل لوزير في وزارته. ثانيا: ان المسؤولية السياسية لدى مجلس الأمه انما تقع على الوزراء فرادى. ثالثا: ان استعمال عضو مجلس الأمة لحقه في استجواب رئيس مجلس الوزراء فيما يدخل في اختصاصه منوط بأن تكون السياسة العامة للحكومة المراد استجوابه فيها قائمة ومستمرة. وعليه فإن أي استجواب مقدم الى سمو رئيس مجلس الوزراء لا يتفق مع الدستور ولا مع المبادئ التي قررتها المحكمة الدستورية والتي اوضحت ان مفهوم السياسة العامة هو الذي يجوز مساءلة رئيس الوزراء عنها فقط، ماعدا ذلك فإن رئيس مجلس الوزراء لا تتوافر مسؤوليته. يؤكد ويعزز مما سبق تبيانه ما نصت عليه المادة 101 من الدستور على ان «كل وزير مسؤول لدى مجلس الأمة عن أعمال وزارته..»، ومفاد هذا النص أن أي محور استجواب عن وقائع ومخالفات تقع ضمن اختصاص الوزير المستجوب وفي حدود سلطته وباشرافه هو من يسأل عنه لا سمو رئيس مجلس الوزراء. وحول مسؤولية وأحوال استجواب رئيس مجلس الوزراء ومفهوم السياسية العامة تجيب المحكمة الدستورية على هذا التساؤل وذلك في حكمها الصادر بشأن طلب التفسير رقم 8 لسنة 2004 المقدم من مجلس الوزراء الى المحكمة الدستورية في شأن تفسير المادتين 100 و101 والصادر في جلسة 2006/10/9 وتقول في ذلك «لما كان اختصاص رئيس مجلس الوزراء يقتصر نطاقه على رئاسة جلسات مجلس الوزراء والاشراف على تنسيق الأعمال بين الوزارات المختلفة دون ان يتولى أي وزارة، فان المسؤولية السياسية «الاستجواب احدى آلياتها» انما تقع بصفة أساسية على عاتق الوزراء فرادى بخلاف المسؤولية التضامنية لرئيس مجلس الوزراء والوزراء جميعا عن المسائل المتعلقة بالسياسة العامة للدولة وهي تلك المسائل التي لأهميتها كانت موضوع بحث مجلس الوزراء أو ان من المفروض فيها ان تكون موضوع بحثه»، وعلى ذلك فلا محل لمساءلة واستجواب رئيس الوزراء عن «واقعة ندوة الحربش وملابساتها» تلك الواقعة لعدم الاختصاص والمسؤولية، والمبدأ أنه حيث تكون السلطة تكون المسؤولية.. وعلى ذلك فان توجيه الاستجواب لرئيس مجلس الاستجواب يعد مخالفة دستورية وفقا للمادة 101 كما أنه يعد مخالفا لحكم المادة 133 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة. وعليه فإن أي محور من محاور الاستجواب ان ثبت أنها غير دستورية ولا تتفق مع مواد الدستور وتجافي أحكام المحكمة الدستورية فيجوز حذفها. وعلى هدى من مواد الدستور وما قررته المحكمة الدستورية في هذا الشأن فإن التزم عضو مجلس الأمة في الاستجواب بكل ماسبق فقد أصبح جديرا بنظر استجوابه بل اصبح لزاما على السلطة التنفيذية الرد على الاستجواب وتفنيده وصولا الى وجه الحق وغايته المتمثلة في مصالح المجتمع والمواطنين والدولة معا بما يحقق مصلحه هؤلاء جميعا. | |||
الخميس، 6 فبراير 2014
إستجواب الرئيس مابين العرف البرلماني والقضاء الدستوري ..!
On twitter
@MunaAlbasri
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق